لواء زغلول لـ "مصر الان": البيان الإثيوبي يعكس محاولة لتصعيد الخطاب الإعلامي والسياسي تجاه مصر مع تجاهل المبادئ القانونية والأمنية الأساسية
قال اللواء أحمد زغلول مساعد رئيس جهاز المخابرات الحربية السابق في تصريحات صحافية لموقع (مصر الان) أنه وفي ضوء البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية بتاريخ ٣ ديسمبر ٢٠٢٥ والمتعلّق بموقف مصر تجاه مياه النيل، تم إجراء تقييم شامل لمضمون البيان وأبعاده القانونية والدبلوماسية والسياسية، بهدف صياغة موقف استراتيجي يحافظ على مصالح الدولة المصرية ويضمن استمرار العلاقات الإقليمية والدولية ضمن إطار القانون الدولي.
ولفت اللواء زغلول أن هناك عدة نقاط هامة يجب تحليلها وهي: أولاً- التحليل الدبلوماسي:
١- أسلوب البيان وتجاوز الأعراف، وهنا يمكن وضع عدد من الملاحظات، هي:
أ. اعتمد البيان لغةً تصعيدية تتضمّن اتهامات لمصر تتعلّق بزعزعة الاستقرار في دول القرن الإفريقي دون تقديم أي أدلّة موضوعية أو بيانات موثوقة.
ب. مثل هذه اللغة تتجاوز الأعراف الدبلوماسية الدولية، وتضع ضغوطاً على مصر ودول المصب، وتزيد من صعوبة العودة إلى الحوار البنّاء.
٢. المغزى السياسي الداخلي، وهنا يمكن القول إن المؤشرات تشير إلى أن البيان قد يكون موجّهاً إلى الداخل الإثيوبي لإعادة تشكيل الرأي العام المحلي وتقليل حدّة السخط على السياسات الداخلية، وهو ما يشكّل تحدّياً للأمن الإقليمي إذا تم استخدام الملف المائي كورقة ضغط.
و أضاف ثانياً- البعد القانوني:
ويمكن التطرق الي البعد القانوني من خلال ما يلي:
١- تجاهل الاتفاقيات الدولية؛ من خلال توضيح مايلي:
أ. البيان لم يعترف بالاتفاقيات المائية المعمول بها بين دول المصب، بما في ذلك المبادئ المتعلقة بالاستخدام العادل والمعقول للأنهار المشتركة وعدم الإضرار بالدول الأخرى.
ب. أي موقف أحادي من هذا النوع يمثل انتهاكاً للقانون الدولي وقد يفتح الباب أمام إجراءات قانونية دولية.
٢- حقوق مصر التاريخية والقانونية، وهنا يمكن التأكيد على أن مصر تمتلك حقوقاً مائية ثابتة وفق المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وهي غير قابلة للتجاهل دون أن يترتب على ذلك آثار قانونية وسياسية مهمة.
ثالثاً-الأبعاد الأمنية والاستراتيجية:
ثمة أبعاد أمنية واستراتيجية لقضية سد النهضة والتصعيد العدائي من جانب أثيوبيا، يمكن تحديدها على النحو التالي:
١- الأمن المائي، وتتمثل ابعاده فيما يلي:
أ. المياه ليست مجرد مورد طبيعي، بل تشكّل عنصراً أساسياً للأمن القومي المصري.
ب. التصعيد الإعلامي أو الخطاب العدائي يهدّد الأمن المائي ويستلزم وجود خطط استجابة استراتيجية.
٢- الأمن الإقليمي، وهو يعني أن أي تصعيد غير محسوب في ملف المياه قد يؤدي إلى توتر في القرن الإفريقي، ويؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي لدول الحوض.
٣- التحديات السياسية، وهي تشير إلى أن استخدام الملف المائي كورقة ضغط داخلي أو إقليمي يضر بمصالح شعوب المنطقة، ويزيد من المخاطر الأمنية والاقتصادية، ويضع مصر أمام تحدي حماية حقوقها مع الحفاظ على التوازن الإقليمي.
رابعاً- التداعيات الدولية:
يمكن توضيح التداعيات الدولية كالتالي:
أ. استمرار هذا النوع من الخطاب يزيد من أهمية إشراك الوسطاء الدوليين والإقليميين لضمان الالتزام بالقانون الدولي.
ب. ضرورة توثيق جميع الخطوات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا لضمان إمكانية التعامل القانوني والسياسي الفعّال مع حماية العلاقات الدبلوماسية القائمة.
خامساً- توصيات استراتيجية:
١- استمرار الحوار القانوني الملزِم: وهنا وجب التأكيد على التفاوض ضمن إطار قانوني دولي واضح يحدّد حقوق وواجبات جميع الأطراف.
٢- تعزيز إشراف دولي وإقليمي: وهذا يعني إشراك الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لضمان الشفافية في إدارة الموارد المائية.
٣- آليات مراقبة مشتركة: اعتماد أنظمة مراقبة تقنية وشفافة لتتبّع تدفقات المياه ومنع الإجراءات الأحادية.
٤- خطة استجابة أمنية واستراتيجية: وضع سيناريوهات احترازية لأي تصعيد محتمل تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية.
٥- خطاب إعلامي ودبلوماسي مدروس: التعامل مع أي ادعاءات أو مغالطات بشكل رسمي وقانوني دون الانزلاق إلى التصعيد الإعلامي.
٦- تعزيز التعاون طويل الأمد: طرح مبادرات للتنمية المشتركة وحماية الموارد الحيوية بين دول الحوض بما يضمن مصالح الجميع.
وأختتم مساعد رئيس جهاز المخابرات العامة السابق كلامه بأنه يمكن القول إن البيان الإثيوبي الأخير يعكس محاولة لتصعيد الخطاب الإعلامي والسياسي تجاه مصر مع تجاهل المبادئ القانونية والأمنية الأساسية.
لافتا إلى أن الموقف المصري يتطلب إدارة ذكية ومتوازنة تحافظ على حقوق مصر المائية وتضمن احترام القانون الدولي، وتحمي الاستقرار الإقليمي، مع توظيف الوسائل الدبلوماسية والقانونية لمواجهة أي تحركات أحادية قد تمس مصالح الدولة.
الأمن المائي والسيادة الوطنية لا يمكن المساومة عليهما، وحفظ علاقات التعاون الإقليمي والدولي يتطلب الانضباط القانوني والدبلوماسي والتخطيط الاستراتيجي الشامل للتعامل مع أي سيناريو مستقبلي.






